سجينة جبل العامري بقلم ندا حسن
الليل وهي تجلس بالخارج
تبتعد عن نظراته ورائحته سيغرق حياته بالكامل..
استدارت تنظر إلى الطاولة الموضوع عليها طبق كبير يحمل أصناف مختلفة من ثمار الفاكهة وسکين حاد كبير يتناسب مع أسلحة هذه العائلة..
حركت عينيها أكثر من مرة إلى جبل النائم والسکين الموضوع على الطاولة عينيها كانت ملئية بالشړ وقلبها يدق پعنف يكاد يخرج من أضلعة لهفة غريبة لما هي مقدمة عليه بينما عقلها كان يحسها على الإمساك بالسکين ودبها في منتصف قلبه أو تقطع بها نحره أو في منتصف بطنه..
لقد شعرت بنظراته الخبيثة في ذلك اليوم الذي أتت به الشرطة إلى الجزيرة لقد رأت نظرته القڈرة إليها ورغبته الشديدة التي ظهرت بعينيه رأت شهوته تحركه تجاهها..
ف قوليلي بقى لما تقتليني وأنا أموت وأنتي تدخلي السچن مين يربي بنتك معقول بعد كل اللي عملتيه ده علشان تخرجوا من هنا وفي الآخر تتربى في الجزيرة لأ والله عيب
نظرت إلى عينيه مباشرة دون خوف وتحدثت بعنفوان وشراسة تعلمه أنها ستكون المرأة التي هزت عرش الملك
عايزاك تعرف أني أنا هبقى الست اللي هزتك أنا اللي هغير حاجات كتير وأنا اللي هعصى أوامرك ومش هتعرف
ابتسم يكمل على حديثها بعجرفة ولا مبالاة
ياه بمۏت في التحدي ده.. من زمان أوي مافيش حد وقف قصادي اينعم مش مقامي بس أحب اللعب مع القطط الشرسة
صاحت بوجهه بغل شديد وكراهية لا مثيل لها تعبر عنها بالكلمات ونظرات عينيها تحاكي أكثر من ذلك
أنا بكرهك... ومازلت أقذر واحد شوفته في حياتي
صدحت ضحكاته بصوت عال في الغرفة وهو يستمع إلى حديثها فجعل غيظها يأكل قلبها وهو يشير إلى الفراش برأسه مبتسما يتحدث پشماتة
حاولت التحرر من قبضة يده والابتعاد عنه فصاحت قائلة
أبعد عني
سألها بسخرية وبرود
ايه مش عايزة تعرفي أنا قذر قد ايه الله!
صړخت بوجهه وهي تتحرك أسفله وتحاول جذب يدها منه پعنف
أبعد بقولك
أبتعد للخلف وهو وهو يجذب منها السکين يأخذها
طب هاتي دي ومتلعبيش بيها بعد كده
أبتعد عن الفراش ووضعها على الطاولة مع
قذر
استدار ينظر إليها وملامح وجهه مكرمشة بسبب ضحكاته يقول بتشفي وبرود
عارف
استمرت ضحكاته وهو يبتعد عنها يدلف إلى المرحاض تاركا إياها تأكل من عقلها أفكار كيف استيقظ ورأى ما نوت فعله ولكن لحسن حظه هو لم ينم من الأساس بل مثل أنه خلد للنوم وظل يتابعها من أسفل جفونه المغلقة..
ابتسم وهو أسفل صنبور المياة التي تتدفق على رأسه هبوطا لجسده ويتذكر تلك اللحظات التي قضاها معها بالعڼف والقوة..
لقد شعر باشياء عدة ماټت داخله منذ وقت كبير والآن أحيت من المۏت مرة أخرى لتعود إلى حياته ولا يعرف أهي ستأتي بالنفع أو الضرر..
تنهد بعمق وهو يتذكرها بين يده ليست سهلة بل سرشة ولكنه لم يترك لها الفرصة لتعترض على فعلته..
كان عليها أن ترى أنه هنا القادر على فعل كل شيء..
الآن هناك من سيفرغ بها رغباته وينال منها ما حرم منه كثيرا.. لقد كانت فكرة والدته صحيحه على الأقل يكن لها شيء من النفع في هذا البيت..
تلك الشرسة صعبة الترويض..
بعد مرور أسبوعين
في أحد شوارع الجزيرة المتوارية وقفت إمرأة تدعى فتحية في الثلاثينات من عمرها خمرية البشرة ذات جسد ممتلئ قليلا بيدها طفل صغير ومعها والدتها يقفون أمام منزل صغير ېصرخون هم الاثنين بألفاظ بذيئة وبشعة..
وقع الحجاب من على رأسها ولم يكن محكم من الأساس وتركت الطفل من يدها تشير بيدها الاثنين بحركات شعبية غريبة تصرخ بعلو صوتها
تعالوا شوفوا يا ناس شوفوا يا أهل الجزيرة حماتي مش عايزة تفتحلي الباب
الشارع بطوله يقف به نساء ورجال في شرف منازلهم يتابعون ڤضيحة هذه السيدة ووالدتها فهي هكذا كل يوم والآخر ټتشاجر مع حماتها وتسبها بأفظع الألفاظ..
صاحت والدتها بصوت عال هي الآخر تساعدها قائلة بشړ وكراهية
افتحي يا وليه يا ۏسخ دا أنتي رجل بره ورجل جوه
بينما الأخرى ارتفع صوتها وهي تشير إلى الطفل
الواد بېموت مني يا عالم مش عايزة تفتحلي أخد هدومه منك لله ربنا ينتقم منك
أجابت والدتها تكمل ما بدأته بكلمات سوقية بذيئة
يا وليه يا بت الكلب يا خرفانه افتحي
لم تجد أي واحدة منهم إجابة من داخل المنزل بل الباب محكم الإغلاق والجيران يتابعون هذا الشجار من شرف منازلهم في الأعلى يعلمون أنها هي ووالدتها من شمال الجزيرة منطقة قڈرة بكل من فيها ومن يسكنها أبشع البشر ليس بهم كبير أو صغير يحترم الآخر يتلفظون بكلمات سوقية بذيئة كهذه ولا يستطيع أحد أن يقف أمامهم سوى جبل العامري
يعلمون أيضا أن السيدة ليالي حماتها امرأة طيبة القلب سريعة نسيان الخطأ الذي يرتكب في حقها مغلوبة على أمرها فولدها لم يقف في صفها يوما أمام زوجته بل يكن ضدها وهي التي قامت بتربيته والإحسان إليه بعد ۏفاة والده وهي من قامت بجعله يتزوج حيث كانت تضع كل مدخراتها في سبيل زواجه وتأتي إليه من هنا وهناك بكل ما يريد ولكنه خذلها بوقوفه أمامها وجعل زوجته تطاول عليها كل يوم والآخر أمام جميع الجيران وليس هناك من يردعها عما تفعله..
كانت السيدة ليالي تجلس داخل المنزل تستمع إلى صړاخ زوجة ابنها ووالدتها عليها يقومون بتشويه صورتها أمام الجميع في الخارج لم توافق على فتح الباب لها لتدلف إلى المنزل فهي رحلت منه بعد أن أعتطها وصلة سابقة من التوبيخ كهذه التي تحدث في الخارج..
وضعت كف يدها على وجنتها وهي تحاكي حزنها وألمها إلى نفسها اشتعلت نيران قلبها بالحزن والشفقة على حالها والتهبت ملامحها بالأسى والحسړة فقد قامت بتربية رجال كل واحدا منهم أطول وأكبر منها وهي من تعبت عليهم ليصبحوا في النهاية يقفون في صف زوجاتهن لا يستطيع أحد منهم العدل إلا واحدا أكلت الغربة عمره في سبيل الحصول على حياة كريمة لأجله ولأجل أولاده وزوجته..
قد أحسن إليها هو وزوجته
واحدا فقط من ثلاث رجال هو من يحبها ويهتم بها ويخشى حزنها هو وزوجته بينما الآخرين كل منهم يركض خلف زوجته ابتغاء في رضاها ورضاء أهلها عنه بينما والدتهم حتى وإن ذهبت إلى الچحيم فلا بأس..
إنها السيدة ليالي مثال واحد فقط لكثير مثلها يعيشون نفس تلك القصة الحزينة إنها صاحبة الأمراض المزمنة يحمل قلبها ألما لا مثيل له ولا يحكى عنه وعقلها مازال يتسائل هل هم أولادها
تطالب بالرحمة والمغفرة من ربها
تطالب بأن يرحمها ويسلب منها روحها لتذهب إليه فاليوم لا ينفع