روايه سجينه جبل العامري بقلم ندى حسن
يكن ذلك الشخص القاسې العڼيف لم يكن جبل العامري القاضي والسجان المچرم والبريء لم يكن أي منهما!
تحدث عن الحب ونظر إليها نظرة ذات مغزى فهمتها جيدا قال إن شعر قلبه بالحب فلن يحرمه إياه هل كان يتحدث عنها!
ما القادم عليهم معا!
توقف عقلها عن التفكير في بقية الحديث الذي دار بينهما وهي تحسب كم من سؤال برأسها لا يوجد له إجابة!
بقيت تمارا تحت أعين وجيدة المتفحصة لها بتمعن ودقة ثم قالت بجدية دون خجل أو مراوغة
جاية ليه يا تمارا
رفعت كتفيها للأعلى واخفضتهم مرة أخرى قائلة لها بجدية
جايه بيتي يا مرات عمي هيبقى ليه
بيتك اللي سبتيه بمزاجك ومشيتي وبعدها معرفناش أي حاجه عنك
قالت الأخرى بجدية
أكملت زوجة عمها بنظرات حادة جامدة وملامح وجهها تتحول إلى ملامح أخرى مخيفة
واديني لسه بسأل عن السبب
مافيش أسباب غير إني راجعة لبيتي ومكاني
أومأت إليها برأسها وقالت بهدوء
أنا كمان عايزة يبقى ده بس السبب ولو راجعة لجبل تنسيه زي ما نستيه قبل كده
أكملت بجدية شديدة ونبرة حادة تحاول أن توصل إليها أنها حتى إن كانت عائدة له فهو لن ينظر إليها مرة أخرى
جبل مش هيبصلك تاني أنتي عرفاه اللي بيسيبه مرة بيرميه على
آخر دراعه مليون مرة
تابعت تنظر إليها نظرة ذات مغزى وقالت بنبرة مليئة بالخبث والمكر
وهو دلوقتي خلاص عنده مراته وبنته وحياته اللي شغلاه
ابتسمت الأخرى ببرود وعدلت حديثها قائلة
مرات أخوه وبنت أخوه
وقفت وجيدة على قدميها أمامها وحقا تغيرت ملامح وجهها عندما استمعت إلى تلك الكلمات منها وأدركت أنها آتيه ولا تنوي خير فقالت پغضب
أشارت إليها بيدها بعد أن وقفت هي الأخرى أمامها وقالت بمنتهى الحدة والجدية وحديثها لا يحتمل أي نقاش منها
أنا لو بحبك قيراط قصاده هحب ولدي وبت ولدي تلاته وعشرين قيراط ومش هبقيكي عليهم مرات عمك بتنصحك خليكي في حالك بعيد عن جبل ومراته وبته
جبل مش هو الراجل اللي
سبتيه ومشيتي بعد لما أبوه ماټ مش هو المحامي اللي وعدك بكل حاجه هتتغير وأنتي بردو مشيتي وسبتيه ولا هو جبل اللي كان رافض شغل أبوه جبل دلوقتي شيطان جزيرة العامري بياكل اللي قدامه أكل لو بس عمل حركة معجبتهوش بملامحه
اللي معاهم جبل اللي اتغير بسبب أنه حبك وأهو دلوقتي ما شاء الله عليه ربنا يهدي سره مع مراته
ابتسمت ساخرة ثم تفوهت قائلة
لو كان زي ما بتقولي كان حتى استقبلك استقبال عدل ده مش طايق يبص في وشك
اغتاظت الأخرى وهي تنظر إليها وكأن حديثها صحيح فهو حقا لا يطيق النظر إليها ولا يجيب على حديثها بأي رفق مما كان بينهم لن تقول حب أو غيره بل حتى رفق!
توجهت والدته إلى باب الغرفة وتحدثت وهي تسير بحدة وټهديد واضح
أنا عملت اللي عليا وقولت الكلمتين ولو عملتي غير اللي قولته أنا بنفسي هرميكي في النيل ومش هيهمني إذا نجيتي ولا لأ انتي مش أغلى منهم
استدارت تنظر إليها وهي تفتح باب الغرفة
فاهمه يا تمارا
أومأت إليها على مضض قائلة
ماشي يا مرات عمي
خرجت زوجة عمها من الغرفة وتركتها وحدها تفكر فيما حدث منذ أن أتت! لقد كانت آتية معتقدة أنه إلى الآن لم يتزوج لم يحب لم تدلف حياته امرأة من بعدها! كانت آتية معتقدة أنها بمجرد ظهورها مرة أخرى سيقول هي بنا للزواج وستنفرج أساريره ولن يكون هناك أسعد منه ولكن من الواضح أنها أخطأت
أخطأت عندما عادت إليه! أو أخطأت عندما رحلت وتركت كل هذا! وتركت جبل!
من الواضح أنه حقا تغير كثيرا شكله قد تغير أصبح أكثر وسامة ونضج جسده حتى وكأنه اندمج مع جسد شخص آخر بتلك العضلات والهيبة التي حلت عليه أكثر من كونه كان مراهق
تغير قلبه وبغضها أحب غيرها عليها أن تفهم ما الذي حدث ليجعله يتزوج من زوجة شقيقه الراحل! ومن هنا تستطع أن تفكر وتستطيع أن تتحرك وتبدأ رحلتها وبحثها عن عودة جبل العامري إليها
تحركت في الحديقة تسير برفق والهاتف بيدها تحاول الاتصال به ولكنه لا يجيب عليها ودت رؤيته والتحدث معه النظر إلى عيناه والتمتع برهبة جسده الطاغي على جسدها الصغير عندما يقف أمامها
أخذتها قدميها إلى خلف القصر وهي شاردة به وبكل ما بينهم لا تنظر حولها ولا أمامها لا تفكر إلا به وبأنها تريده الآن لتمتع أعينها الزرقاء برؤية هيبتة وخفة ظله وحسنه
وقفت خلف القصر تنظر حولها ثم نظرت إلى الهاتف محاولة مرة أخرى أن تحدثه ولكنه لا يجيب زفرت الهواء من رئتيها
بضيق وأخفضت الهاتف ثم سارت خطوات تبتعد عن هنا لتعود إلى القصر مرة أخرى ولكنها فجأة وجدت من يسحبها من يدها ليدفعها إلى الخلف تتوارى عن الأنظار يلامس ظهرها السور وتنحصر بينه وبين الجسد الذي أمامها
ارتعش جسدها وهي تنظر إليه باستغراب شديد حاولت رفع يدها الاثنين تبعده عنها ولكنه صدمها أكثر ووخز قلبها وروحها وهو يرفع عليها مدية يضعها في جانبها قائلا بغلظة وعڼف
حركة واحدة هعملك عاهة مستديمة اثبتي مش هناخد وقت كتير
كل هذا فقط حدث لها عندما أتت إلى هذه الجزيرة الملعۏنة وعندما قابلته وكنت له الحب بقلبها!
تضاربت حواسها ولم تعد تشعر بأي شيء يحدث من حولها لا تشعر إلا بالقهر والضعف والخۏف الشديد الذي سيطر على سائر جسدها وهي وحدها هنا بين أنياب ذئب قذر دون شقيقتها الحامي الوحيد لها
كل هذا وأكثر أيها العاصم! أليس اسم عاصم يعني الحصن والملجأ الذي يحتمي به الإنسان من أي ضرر!
يتبع
رواية سجينة جبل العامري
للكاتبة ندا حسن
سجينة جبل العامري
الفصل الثاني عشر
ندا حسن
الشعور بالانكسار قد يكون أبشع شعور على الإطلاق أن تكون شخص يشعر بأن هناك من يقف خلفك يشجعك على الاستمرار ويكن العون إليك والسند الذي تبغاه ثم فجأة تقف أمام ذئاب متوحشة في صحراء جرداء وحدك دون الحامي لك فتشعر أنك مجرد حتى
من ملابسك فهذا انكسار! وهناك غيره أنواع متعددة
اثبتي قولتلك الموضوع كله مش واخد وقت
كانت دمعاتها تتهاوى على وجنتيها بغزارة تقف مربطة بجسد متشنج تستند إلى ظهر السور تحاول دفعه للخلف لتبتعد عنه وهي تقول بتعلثم
أنت عايز مني ايه
عاد للخلف برأسه ومازال يقف
واحدة قمر زيك كده هيتعاز منها ايه غير كل خير
انسابت دمعاتها أكثر وهي تنظر إليه پقهر تشعر بمدى قذارته ودنائه نظراته نحوها فقالت برجاء وهي تبكي
أبعد عني أنا معملتش فيك حاجه
لأ عملتي بس يمكن وأنتي مش واخده بالك
عملت ايه طيب
قربتي وحبيتي وعاندتي
حركت رأسها هي الأخرى يمينا ويسارا بعدم فهم تخرج منها شهقات متتالية بړعب وذعر شديد تشعر به كلما شاهدت نظرته نحوها
أنا أنا مش فاهمه
ابتسم وهو يرفع يده التي على الحائط إليها يضعها فوق ذراعها يسير عليه برفق ورقة وهو يتحسسه قائلا ببرود ومكر
لأ أنتي فاهمه كويس وأنتي اللي عملتي في نفسك كده مش أنتي اللي قربتي بردو ولا أنا جيت من نفسي
شعرت أنه يتمادى
وهو يسير بيده عليها فدفعت يده وحاولت أن تستجمع نفسها وقالت من بين بكائها وشهقاتها المستمرة بتعلثم وضعف شديد
أبعد عني والله ممكن اصړخ وألم القصر عليك
ابتسم بسخرية وهو يعود بيده مرة أخرى إلى الحائط كي يحاصرها
وأقترب برأسه منها أكثر وكأنه بوضع حميمي معها لكنه قال بثقة دون رحمة
اصړخي وأنا هدب المطوة دي هنا ونخلص بعدها ونقول واحد نط من على السور زي اللي حاول ېقتل جبل كده
اعتصرت عيناها وهي تبكي نادمة على كل شيء مر عليها هنا سواء كان فرح أو حزن جيد أو سيء وقالت وهي ترتعش
أبعد عني يا
قاطعها سريعا وابتسامته تتسع أكثر قائلا اسمه
عاصم ولا نسيتي الاسم
صړخت به بانفعال وهي على وشك الاڼهيار والوقوع إلى الهاوية
أنت مچنون حرام عليك أبعد أنا معملتش حاجه
عاد للخلف وأخفى المدية بيده وهو يأخذها إلى جيبه سريعا وقال بسخرية ضاحكا
هبعد أنا بس كنت بهزر معاكي بس عارفه لما أبعد لو فتحتي بوقك لحد مش هسمي عليكي
أومأت إليه برأسها سريعا عدة مرات بقوة وقالت من بين بكائها الذي حاولت السيطرة عليه
مش هتكلم أبعد بقى
عاد للخلف أكثر وأفسح لها المجال للعبور وقال مرة أخرى محذرا إياها
أنا حذرتك أي حد
تعود ثانية تومأ له برأسها بهستيرية وهي تنظر إلى ابتعاده عنها وأبصرته ينخفض إلى الأسفل يأتي إليها بهاتفها ثم أعطاه لها وهو ينظر إليها مبتسما بسخرية وتهكم لم تعطي إليه الفرصة لفعل شيء أخر أخذته منه ثم سريعا دفعته بيدها وذهبت راكضة إلى الأمام تاركة تلك المنطقة المشؤومة وهي تبكي بقوة وصوت بكائها يرتفع كلما ابتعدت عنه فصاح بصوت عال يحذرها
ها
انخفض صوتها وهي تركض ورأها تضع يدها على فمها كي تكتم شهقاتها وصوت بكائها الذي خرج منها بفعل تلك الخضة والشعور بالخۏف والذعر الذي مرت به معه
أبتعد هو يعود إلى مكانه مرة أخرى وعلى وجهه ابتسامة خبيثة تظهر للأعمى وتوضح أنه شخص قذر
بعدما أبتعد عن خلف القصر وذهب إلى الأمام تعالت ضحكات آخرى تأتي من الأعلى لم تكن سوى فرح التي كانت تقف في الشرفة أعلاهم تتمسك بالهاتف وتقوم بتسجيل كل ما حدث لحظة بلحظة كل فعل ومعه رد الفعل الخاص به ولكن من أي زاوية وكيف كان المشهد بالهاتف! فهذا هي فقط ما تعرفه
ابتسمت بانتصار وتحركت تدلف للداخل وقلبها خالي من الغيرة تجاهها في فترة لحظية فقط لأن قلبها ينشغل الآن بالسعادة لأجل ما حدث منذ وكسرتها وكل ركن شهد على كل شهقة خوف ورهبة خرجت منها ومن أعماقها
يا لها من لحظات بشعة قهرية مرت عليها