في قبضة الاقدار بقلم نورهان العشري
كان يفهم ذلك الصراع بداخلها لذا قال مشددا علي كلماته
بصفتها أرملة حازم الله يرحمه و أم إبنه أو بنته إلي جاي
لم تنكر إرتياحها لتلك الصفات التي نسبها لشقيقتها و نبرته التي أكدت علي حديثه و لكنها لن تتنازل أبدا عن حقها في الدفاع عنها فقالت بهدوء
طب تمام حلو أوي دا. تقدر تعتبرها أرمله أخوك و أم إبنه أو بنته وهي في بيتها عشان جنه مش هتخرج من البيت دا و لو علي چثتي
لا هتيجي معايا و برضاكي كمان .
شعرت بالسخافه من نبرته الواثقه و كلماته الهادئه فقالت بتعجب
ممكن اعرف إيه مصدر ثقتك دي . يعني حقيقي الموضوع مثير للإهتمام . بقولك
مش هتخرج غير علي چثتي بتقولي لا هتخرج و برضاكي . إزاي بقي معلش !
خرجت منها ضحكه ساخرة خاليه من المرح و جاء صوتها مدهوشا من حديثه
دا بجد ! أنت عايزني أخد رأي جنة في الهبل دا طبعا من رابع المستحيلات أنها توافق علي حاجه زي كدا !
بس أنا موافقه يا فرح !
جفلت فرح من ذلك الصوت القادم من الخلف و شعرت بطلق ڼاري يستقر في منتصف ظهرها حين أستمعت لصوت شقيقها القادمه من وراءها فتسمرت في مكانها تنازع في محاولة لأسترداد أنفاسها الهاربه قبل أن تلتفت ببطئ لتلتقي عيناها مع شقيقتها التي كان الحزن و الألم مرتسمان علي ملامحها وهي تري وقع قنبلتها علي وجه فرح الذي كان يحاكي شحوب الامۏات في تلك اللحظه و صوتها المبحوح الذي ردد اسمها بعدم تصديق
أقتربت منها جنة و علي وجهها جميع عبارات الأسي و عيناها ترسل ألف إعتذار و إعتذار لتلك التي كانت علي وشك الإغماء فأمتدت يد جنة تمسك بكفوف شقيقتها المرتعشه و هي تقول بنبرة قويه يشوبها بعض البكاء
كفايه عليكي أوي كدا يا فرح !
خرجت الكلمات من فمها مرتعشه تماما كحال قلبها
كفايه إيه يا جنه
جنه بإنفعال وهي تشدد علي كل حرف تتفوه به
بس أنا مشتكتلكيش
جنة بلهفه
و لا هتشتكي يا فرح ! عارفه ليه عشان أنتي أحسن حد في الدنيا . هتفضلي تتحملي لحد ما تقعي و لا أنك تحسسيني بأي حاجه بس أنا مش هتحمل تقعي يا فرح . أنتي بالذات خسارتك غير أي خسارة في الدنيا. خسارة مش هقدر عليها أبدا ..
لم تستطع الحديث إذ تفاجأت بجنه التي إلتفتت إلي سالم الذي كان جامدا كتمثال صلب يستمع إلي ذلك الحديث الشائك عن معاناتها و كم تحملت لأجل عائلتها و هنا تغيرت كل نظرته إليها و تبدلت معالم شعوره نحوها و قد صدق ظنه بشأنها فهي كما وصفها منذ أول لقاء لهم أنثي إستثنائيه . و لكن عقله توقف أمام جمله أتخليتي عن حب حياتك خربش الفضول جدران قلبه بصورة قاتله لمعرفة ماذا تقصد و أي شكل أتخذ هذا الحب
أخرجه من شروده و تساؤلاته كلمات جنة الذي يسكنها حزنا عميقا
أنا موافقه يا سالم بيه آجي معاك
لم تتحرك من مكانها و لم يرتفع رأسها و قد كان مظهرها يغضبه أو ربما يؤلمه لذا أعاد انظاره إلي جنة قائلا بخشونة
أتفقنا . العقد بتاع الجواز العرفي معاكي
أومأت برأسها بصمت فقد كان الخزي يتوج ملامحها في تلك للحظه فجاء طلبه لينقذها إذ قال بفظاظه
عايز اشوفه
للمرة الثانيه أومأت برأسها و توجهت للداخل كي تحضره بينما كانت فرح ما تزال بمكانها لا تستطيع أن تواجهه فقد خسړت كل شئ أمامه تجردت من كل شئ تحت أنظاره
فتولد عندها شعور مفاجئ بحاجتها للإختفاء !
تود في تلك اللحظه أن تكون شئ غير مرئي مجرد سراب فلم تعد لديها طاقه للجدال أو النقاش أو أي شئ.
فالحياة تستمر بمعانداتها و إعطاؤها صفعه تلو الآخري حتي فقدت قدرتها علي
التحمل لذا حاولت الإنسحاب خلف جنة هربا من نظرات شامته لابد و أن ترتسم بعيناه في تلك اللحظه و لكنها لم تقدر علي تحملها . و ما أن تحركت تنوي الهروب حتي وجدت يد فولاذية تمسك برسغها تمنعها من الحركه تلاها صوتا هادئا يناديها
فرح !
حاولت أن تشحذ بعض قواها الخائرة و ألا تجعله يراها مهزومه بتلك الطريقه فلتواجه للنهايه و لتكن دائما مرفوعه الرأس .
أخيرا رفعت رأسها تناظره فصدمها ذلك الدفء الغريب منبعثا من عيناه التي بدت و كأنها تؤازرها في مصابها حتي أن ملامحه كانت هادئه خاليه تماما من أي سخريه أو شماته كما توقعت و لكنها تجاهلت كل شي و قالت بنبرة جافه
نعم !
خرجت نبرة صوته لينه بعض الشيء ففاجأته بقدر ما فاجأتها
جنة عندها حق . أوعي تزعلي منها
لاحت إبتسامه ساخرة علي ملامحها تتنافى مع لهجتها المريرة حين قالت
بتدافع عن جنة قدامي ! دا يوم المعجزات بقي !
أستعاد سالم ملامحه الجامدة و قست لهجته قليلا حين قال
مبدافعش عنها بشخصها لكن كلامها صح . الموضوع المرادي أكبر منك .
فرح بمرارة
بجد ! عموما مش زعلانه عشان عارفه أنها هترجعلي في النهاية بعد ما تاخدوا إلي أنتوا عايزينه منها
قطب جبينه و إزداد عبوس ملامحه قائلا بعدم فهم
يعني إيه ناخد إلي إحنا عايزينه منها !
فرح بقسۏة
إبن أخوك ! مش دا إلي جابك ورانا لحد الدكتوره و طبعا أكيد كنت مراقبنا قبلها عشان كدا عارف مكان بيتنا كويس ! طبعا أخوك الله يرحمه طلعله طفل من تحت الأرض و أنا عذراك دا حقك إنك تتمسك بيه . لكن مصير جنة إيه بعد كدا أقولك أنا هترجع تاني مكان ما جت و تقضي بقيت حياتها تتعذب علي ضناها إلي أنتوا هتاخدوه منها
ضاقت عيناه و إسودت ملامحه من حديثها الذي صډمه كثيرا فقال بإستنكار غاضب
أنتي إزاي متخيلانا بالبشاعه دي
فرح پغضب
لا دانا متخيلاكوا أكتر من كدا
سالم بحدة
ليه إيه السبب
صړخت پقهر
عشان مشفتش منكوا غير كدا .. أخوك من أول ما دخل حياتنا بوظها و دمر أختي و حول حياتنا لچحيم و أخوك التاني فجأة لقيناه داخل علينا عمال ېهدد و يقل أدبه و بمنتهي البجاحه بيقول هعلمكوا الادب . مشوفتش منكوا حاجه واحده بس كويسه تخليني أآمن علي أختي معاكوا
طب ما تجربي أنك تقربي أكتر يمكن تغيري رأيك !
لا يعلم كيف غافلته الكلمات لأول مرة بحياته و خرجت مندفعه من بين شفتيه فصډمته بقدر ما صډمتها !
في البدايه ظنت أنها تتوهم و لكن لا . فقد أخترقت كلماته سمعها حتي أن قلبها إرتجف رغما عنها. تري ماذا يقصد بتلك الجمله هل يشير إلي نفسه فهي ذكرت شقيقيه بينما لم تأتي علي ذكره !
مفهمتش ! تقصد إيه
هكذا تحدثت بخفوت
أقصد إن كلامي مكنش علي جنة بس
هكذا أجاب بعدما أستعاد ملامحه الصارمه و لهجته الخشنه و تجاوز عن ذلته محاولا إنقاذ هفوته التي لا يعلم كيف حدثت
لم تفهم ما يقصد و كان عقلها توقف عن العمل فسألته بخفوت
تقصد إيه
وصل إلي نقطه معينه من الحديث كان يريدها في أعماقه و الآن قد حان وقتها لذا قال بتمهل
قصدي إنك تيجي معاها
برقت عيناها من حديثه و لوهله شعرت بالصدمه تجتاح كيانها فعجزت عن الرد لثوان في حين أن عيناه كانت تبحر فوق معالمها المصدومه و شفاهها المرتعشه فأستغل فرصة تبعثرها بهذا الشكل و قال بعتاب ماكر
أكيد مش هتسيبي أختك و هي في الظروف دي وسط ناس متعرفهاش !
نجحت كلمات في زرع الأشواك بصدرها و قد تجلي ذلك علي ملامحها فتابع ليصب الڼار علي البنزين
مهما كانوا الناس كويسين و هيعاملوها حلو أكيد هتكون محتجالك . بالرغم أنها عمرها ما هتقدر تطلب منك دا !
كان محقا و مقنعا للحد الذي جعلها لا تستطيع أخذ أنفاسها و هي تتخيل شقيقتها تعاني وسط هؤلاء البشر و لا تجد أحد يدافع عنها أو تبكي علي صدره !
إنقبضت ملامحها حين مر ببالها هذا الخاطر و آلمها قلبها كثيرا و قد شعر هو بذلك و لام نفسه بشدة علي إضفاء المزيد من الوقود إلي خزان أحزانها و لكنه عزم علي شئ و لن يتراجع عنه أبدا .
أنت طلعتلي منين
كأن سؤالها غريبا وقحا و غير متوقع و المثير للدهشة أنه أثار بداخله رغبه قويه في الضحك و لكنه حافظ علي رزانته و تعقله قائلا ببساطه
قدرك !
الأسود ! قصدك قدري الأسود
زادت رغبته في الضحك حين سمع إجابتها و لهجتها التي تعج پغضب مكتوم و لكنه مارس قوه كبيرة كي لا ينفجر أمامها ضاحكا و
أكتفي بأن يقول مؤنبا
أستغفري ربنا . عيب واحدة مؤمنه زيك تقول كدا !
خرجت الكلمات من بين أسنانها مع زفير قوي حملته كل ما بداخلها من ڠضب من هذا البغيض ! أجل هذا هو الوصف الملائم له
أستغفر الله العظيم..
خرجت