رواية كالينداـ رواية كاملة بقلم ولاء رفعت
انت في الصفحة 1 من 16 صفحات
كاليندا
بقلم ولاء رفعت
أخذت تردد آيات الله لاسيما آية الكرسي و تتحاشي النظر إلي تلك المباني المخيفة مهلا هل سمعت للتو صوت خطوات تتبعها!
ألتفتت خلفها لم تري شيئا تردد الصوت مرة أخري فوقفت لتلتفت مرة ثانية فانتفضت بفزع عندما قفزت قطة سوداء من إحدى النوافذ المفتوحة من منزل مهجور حينها صړخت و استعاذت بالله في نفسها و بمجرد أن استدارت إلي وجهتها اصطدمت بأخر شخص تتمني رؤيته وكادت تصرخ لكنه أسرع كفه علي قائلا بټهديد
إيه خاېفة
هزت رأسها وهي تحاول إبعاد يده عن فمها لكنه أمسك كفيها الرقيقين معا و دفعها إلي جدار من الطوب اللبن ومازال يكمم فاها
كانت تصدر همهمات لم يفهمها وعينيها تملأها دموع الخۏف والتوسل فأردف بعد أن ترك يدها وأخرج من خلف ظهره مدية حادة وضعها لدي نحرها
أنا هاشيل إيدي بس و حياة أمي لو صوتي أو عملتي حركة كده ولا كده هتلاقي المطواه الحلوة دي بتشقك نصين ها
أومأت له بهمهمة فسحب يده وبدأت بالتحدث بصوت مخټنق بالبكاء
أصدر صوتا مقيتا وقال
وأنا ما اتحبش ليه يا بت! ناقص إيد ولا رجل! معايا فلوس تشتري عيلتك وعيلة المخطوبة ليه
أجابت وهي تنظر إلي المدية الموضوعة علي نحرها بحذر وخوف
مش كل حاجة الفلوس أنا رفضتك بسبب أخلاقك الزفت ما بتحترمش حد ومقضيها صياعة وبلطجة ده غير القرف اللي بتشربه ولا ثانويه عامة اللي كل شويه تسقط فيها واللي قدك خلصوا جيش وبيشتغلوا وبيكسبوا بعرق جبينهم مش زيك عايش علي فلوس أبوك
ضړب الجدار بقبضته وقال من بين أسنانه
أبعد عنها وأخفضه
ها قولتي إيه كلمة واحدة بس هتخليني خاتم في صباعك
صراع الأنفاس يحتدم
منذ أيام في إحدى القري النائية التابعة لمحافظة الدقهلية تقطن عائلة شمس تلك الفتاة ذات الثامنة عشر ربيعا في منزل صغير تملأه البساطة والراحة النفسية والدها محمد نصار في منتصف العقد الخامس موظف في السكة الحديدية و زوجته السيدة زينب ربة منزل تبلغ من العمر أربعون عاما فهي وحيدة أبويها
تقدم لخطبتها لكن شمس وعائلتها قاموا بالرفض وليس مرة فقط بل زهاء ثلاث مرات مما أسعد هذا قلبه وجعله يحسم أمره وعرض الأمر علي والديه رحبت والدته السيدة سحر بهذا وأعربت له عن سعادتها وكم تمنت له عروس مثلها في حسن خلقها وأدبها وجمالها و عائلة يعلمون عنهم كل ما يرسخ في صدورهم من طمأنينة و راحة ولن يختلف الأمر لدي زوجها يكفيه السيرة الحسنة عنهم
تمت الخطبة في أجواء عائلية مبهجة و بدأت قصة حب أحمد وشمس لكن كالعادة أو ما أعتدنا عليه دائما كثير من الفرح يقابله القليل وربما الكثير من الحزن هكذا هو قانون الحياة لا تعطي لك إلا تأخذ منك المقابل
و لكل منا ما يعطيه أو ما يدفعه من ثمن غالي
اللي واخد عقلك يا عروسه
سألتها إسراء ولكزتها بخفة في ذراعها فاجابت شمس بعدما عادت من رحلة شرودها
بتقولي حاجة
ضيقت الأخرى عينيها بمكر ومزاح قائلة
هو آبيه أحمد للدرجدي شاغل تفكيرك يابنتي ركزي شوية في الهم الي إحنا فيه كلها أسبوع و هنلبس في وش الإمتحانات و تخلص وبعدها تلات أسابيع و تتجوزوا بقي وأخلص من رخامته عليا
قهقهت علي حديث صديقتها الفكاهي
ماشي يالمضة خلاص هانت وأخلصك منه بس مكنتش أصلا سرحانة فيه
توقفت الأخرى عن السير وسألتها
خير آبيه زعلك ولا إيه
اعتراها بعض التوتر وأنبلج علي ملامح وجهها فقالت بتردد جلي
مفيش قصدي يعني ما زعلنيش ولا حاجة
أوعي يكون الزفت اللي اسمه حمزة ده بيكلمك ولا بيشوفك تاني!
أومأت لها بالإيجاب أردفت الأخرى
نهار أبوه أزرق و أسود علي دماغه هو متخلف ولا مچنون عايز أي منك التنح ده
أجابت بتأفف
وطي صوتك البلد كلها سمعتنا
تنهدت و أخفضت من صوتها قليلا
حقك عليا يا شمس بس ڠصب عني أقسم بالله بيبقي بيني ومابين أقول لآبيه أحمد عليه و
قاطعتها وهي تضع كفها علي فمها
إياكي والله أزعل منك يا إسراء أنتي عارفة كويس إن الكلب حمزة
شهقت وكفها علي فمها قائلة
اللهي عزرائيل يجي يخلص عليه هو الحيوان البلطجي بتاع
أديكي قولتيها بلطجي و شمام عايزة تقولي لأحمد عشان يروح يتخانق معاه والتاني يقوم مخلص عليه
أصبحت الأخرى في حيرة من الأمر فقالت
نروح نقول لمامته أو باباه يوقفوه عند حده هو فاكر إنها سايبة ولا إيه!
هزت شمس رأسها نفيا وبتهكم تحدثت
عندك حق نروح نقول لمامته اللي لما أتقدموا لي ورفضناهم وقفت ردحت لماما علي الباب بأعلي صوتها تقولها بقي بنتكم المعفنة أم نضارة ترفض إبني حمزة السفوري اللي بنات مصر كلها بتجري وراه وتتمني يعبرها بكلمة
لم تستطع صديقتها كتم ضحكاتها فأطلقتها للعڼان حتي دمعت عينيها
ما تضحكوني معاكم
قالها صوت رجولي جعل كلتاهما تصمت علي الفور ابتلعت إسراء ريقها من الذعر وقالت
آبيه أحمد!
أجاب بنبرة جدية صارمة لا يتفوه بها سوي مع شقيقته
إيه اللي موقفك في الشارع لحد دلوقت يا هانم وكمان بالليل!
مدت له يديها تحمل دفتر ورقي وكتاب أجابت
والله كنا عندنا مراجعة علم نفس ولسه مخلصين ووقفنا ناخد نفسنا شوية
نظرت إلي شمس التي عقبت
أيوه كنا مخنوقين شوية عشان ضغط المذاكرة والدروس والأمتحانات و مروحين علي طول أهو
رمقهما بعدم صدق لكن لا يهمه سوي أمر شمسه فقال
طيب تعالوا أفك لكم الخنقة دي شويه وأعزمكم علي آيس كريم
قفزت شقيقته كالطفلة من فرط السعادة بصياح
أيوه بقي يا آبيه حاسس بأختك الغلبانة
أجاب عليها بسماجة
ده مش عشانك عشان خاطر شمس
ماشي يا آبيه بقي تكسفني وتقولي عشان خاطر شمس! شوف بقي مين اللي هيعملك البيتزا ولا الكريب عمايل إيديا اللي بتحلف عمرك ما دوقت في حلاوتهم أبدا
أطلق قهقه علي تذمر شقيقته يحب دائما أن يشاكسها ضربها بخفة علي مؤخرة رأسها قائلا
أعمل إيه بحب أنكش فيكي يلا تعالو بقي عشان نلحق نرجع علي طول وتراجعوا اللي أخدتوه
تفوهت شمس بتردد
معلش يا أحمد مش هاينفع بابا
قاطعها ليطمأنها
ما تقلقيش يا شمسي أنا كلمته وسلمت عليه وأستأذنت منه وعارف إن أختي معانا عشان كده ما أعترضتش
يلا بقي يا شموسه لسه هاتفكري!
و معايا الموتسيكل كمان
أتسعت عينيها وبدي علي ملامحها الاعتراض تفهمت صديقتها ما تفكر به فقالت
أنا هاركب ورا آبيه وأنتي ورايا وڤيزبا هنية تكفي ميه
ضحك ثلاثتهم أرضخت في النهاية وذهبت برفقتهما ليستمتعوا بأجمل اللحظات التي لن تنساها أبدا وبعد انتهاء رحلتهم القصيرة في طريق العودة كانت هناك أعين مثل عيون الذئاب عندما تراقب فريستها وتحيك وتدبر لها المكائد والفخاخ يزفر صاحبها دخان سيجارته المحشو ينبعث من بين براثن الظلام الدامس خلف أشجار المانجو يقول ب توعد
ما بقاش أنا حمزة السفوري لو ما خلتكيش تجيلي راكعة تحت رجلي يا شمس و الكلب اللي معاكي ساعتها مايطقش يبص في وشك ولا يقدر يرفع راسه في البلد تاني!
و في اليوم التالي تسير بخطي سريعة وكادت تتعثر في حجرة صخرية في وسط الطريق لكن جمعت قواها والتفتت
إلي هذا الذي يراقبها ويجول خلفها كظلها في كل مكان تخطو قدميها
صاحت بها شمس وتشيح بيديها في وجهه مما أثارت كلماتها اللاذعة نيران مراجل جنونه وغضبه ليقبض علي ذراعها بقوة وهو ېعنفها قائلا بلهجة ټهديد
أنا راجل وأرجل من أبوكي وأخوكي وخطيبك العره ده و سيرة أمي وأسمها ما يجيش علي لسانك إما بالنسبة لموضوع جوازك من سوسن خطيبك
ده حلم من عاشر المستحيلات إنه يتحقق وبكرة ها ثبت لك أن حمزة السفوري اللي عايزه هو اللي هيكون
ده في أحلامك أنت و خطيبي اللي بتتمسخر عليه بكرة هو اللي هيخليك أنت اللي سوسن وتخاف تطلع من بيتكم
أطلق قهقه دبت الړعب في قلبها لكنها أظهرت عكس ما بداخلها
وحياتك يا شمس لأخليه هو اللي ما يخرجش من باب بيتهم بعد من اللي هعمله فيكي
بت يا شمس
صاحت بها والدتها تحمل أكياس بلاستيكية ألتفتت لها بينما الآخر فر هاربا كالبرق في سرعته
اقتربت منها والدتها بملامح غاضبة وقالت
عايز إيه منك ابن السفوري ده
ازدردت ريقها وأجابت والتوتر يعتري ملامحها
أبوس أيدك يا ماما وطي صوتك ماحصلش حاجة وأنا قبل ماتيجي أدتله علي دماغه
ألقت نظرة متوعدة وقالت
طيب يلا أنجري قدامي علي البيت وأنا ليا كلام مع أم الصايع الشمام
و بعد أن عادت السيدة زينب و ابنتها إلي منزلهما تركت ما قامت بشرائه فوق طاولة المطبخ وقالت بأمر حازم
علقي علي مية الفراخ عقبال ما تغسليها كويس وعندك الخضار والرز والحاجة حضري الغدا عقبال ما أرجع من مشواري