كاليندا بقلم ولاء رفعت علي
الجرم والفجر الذي وصل إليه ابنها.
أخذت تردد بنواح
يا خيبتك القوية يا هدي ابنك علي أخر الزمن هيخلي اللي يسوي و مايسواش يجيب في سيرتكم.
نظر إلي والدته بازدراء و قال معقبا
ده كل اللي همك! سيرتكم!
دخلت الصغيرة إليهما لتخبر والدتها
ماما طنط أم عفاف عايزاكي بره.
رمقتها الأخري بنظرة ڼارية وهمست
يا نهار أسود عليكم زمان الولية سمعتنا و دي ما بيتبلش في بوقها فولة.
و بالخارج في الشوارع و الطرقات ارتفعت الهمهمات بين الناس وبدأ القيل والقال والخبر أندلع في القرية بأكملها كاندلاع الڼار في الهشيم وكالعادة السيئة كل من يخبر الآخر يضع لمساته فوق الخبر حتي يزيد الطين بلاء.
خير يا أم عفاف مالك بتخبطي كده ليه علي الصبح
تلتفت السيدة من حولها لتتأكد أن لا يوجد أحد يراها لاسيما من منزل عائلة شمس ولجت إلي الداخل لتخبرها
عايزاكي في موضوع مهم أوي يا أم أحمد.
أغلقت الأخرى الباب وأشارت لها بالدخول في غرفة الاستقبال وجلست هي والأخرى التي قالت
تنهدت بضيق وقالت
ما تقولي يا أم عفاف فيه أي وغوشتي قلبي وأنا مش ناقصة أنا واحدة مريضة ضغط وقلب.
اقتربت منها وأجابت كأنها تروي لها أسرار عسكرية خطېرة
كنت لسه في بيت السفوري عشان أخد من أم حمزة الجمعية و سمعتها ماسكه في خناق الولاه أبنها و شكله عامل کاړثة کاړثة إيه قولي مصېبة.
ربنا يستر علي ولاينا من الفضايح يارب.
صاحت الأخرى بعد أن نفذ صبرها
ما تنجزي يا وليه و أختصري ما هو إيه الجديد في كده علي طول ابنها
جايب لهم المصاېب.
ما أنا جاية لك في الكلام أهو بس زي ما هقولك كده ده اللي حصل الموضوع طلع إن الواد حمزة أستغفر الله العظيم غلط مع البت شمس خطيبة ابنك.
بتقولي إيه يا وليه يا خرفانه أنتي.
نهضت الأخرى وتراجعت قليلا وتصنعت ملامح الوداعة علي وجهها
وحياة ولادي زي ما بقولك وهي الست هاتتبلي علي ابنها ده صوتهم كان مجلجل حتي كانت بتقوله يا خربيتك ده خطيبها يقتلك فيها قام الولاه بكل بجاحة أنا مص...
صمتت حينما خرج أحمد من غرفته لا يري أمامه ووقف أمامهما وعينيه الشرار يتطاير منهما فانتفضت السيدة من مظهره الخۏف وقالت
قالت كلماتها وأطلقت ساقيها للريح.
حدجت سحر ابنها پصدمة أيقنت إنه قد سمع ما تفوهت به جارتها فقالت
ما تاخدش علي كلام الوليه دي شكل...
قاطعها ابنها وعينيه بدأت بإسدال العبرات من القهر الذي يمتلك قلبه وفي يده هاتفه أعطاها إياه لتري الفيديو المرسل إليه.
ما زالت إسراء برفقة شمس تستمع إليها بقلب مفطور علي ما حدث لها فقالت لها الأخرى
أوعي يا شمس أوعي تتنازلي عن حقك الكلب ده لازم يتحبس و يتحاكم أنا لو مكان القاضي هحكم عليه بالإعدام.
هزت الأخرى رأسها بيأس قائلة
حتي لو أتعدم هيفيد بإيه دمر لي حياتي قضي عليا ده كان خلاص فرحي بعد أيام.
تذكرت إسراء حال شقيقها فقالت بتردد
هو أنتي كلمتي آبيه أحمد وحكيتي له اللي حصل
أومأت بالنفي وأجابت
أحمد ماعرفش عنه حاجه من إمبارح وعرفت إنه جالي بالليل و ساب لي مع بابا هدية عيد ميلادي.
أخبرتها الأخرى
ربنا يستر ده قافل علي نفسه من وقت ما جه لحد ما أنا مشيت وجيت لك.
صاحت پبكاء
يبقي بالتأكيد الحيوان باعت الفيديو زي ما قال.
عقدت الأخرى حاجبيها وسألت
فيديو إيه
وقبل أن تجيب شمس صدح رنين هاتف إسراء فقالت
دي ماما ربنا يستر.
أجابت
ألو يا ماما
أخرجي من عندك حالا وتعالي علي البيت.
في إيه يا ماما
إسمعي الكلام زي ما بقولك دقيقة وألاقيكي قدامي.
أغلقت سحر المكالمة فتعجبت الأخرى من أسلوب حديث والدتها الفظ ازدردت ريقها ورمقت صديقتها بخجل قائلة
معلش يا شمس ماما عايزاني ضروري عشان رايحين مشوار وأنا هابقي أكلمك وأطمن عليكي.
ربتت صديقتها علي يدها بشبه ابتسامة
و لا يهمك يا حبيبتي مجيتك ليا هونت عليا شوية ربنا ما يحرمني منك أبدا.
عانقتها بقوة قائلة
ويخليكي ليا ولو في أي حاجة محتاجها أنا جمبك وما تقلقيش أنا هاتكلم مع آبيه وهافهمه اللي حصل ده لو عرف.
أرادت شمس أن تخبرها بأن لا نفع من ذلك فهي تعلم ما سيحدث و إن زواجهما من المحال أن يكتمل خاصة بعد رؤيته للمشهد .
يجلس السيد محمد في عمله شاردا وأمامه دفتر ورقي يستند عليه برأسه يتملك منه الحزن لم تغف جفونه منذ البارحة ود لو أمسك نحر هذا الشيطان المدعو حمزة بين يديه وأزهق روحه لكن دماثة أخلاقه تمنعه من ذلك طالما اتسم بالطيبة والسماحة لا يحب الأڈى سواء له أو الآخرين.
دلف إلي الغرفة إحدى زملائه والذي يقطن معه في قريته وبالطبع لن يفوته خبر اليوم.
صباح الخير يا محمد.
لم ينتبه إليه الآخر فجذب الرجل كرسي وجلس بجواره قائلا بصوت مرتفع
يا عم محمد
انتفض الثاني في مكانه ونظر له وهموم الدنيا تتجمع في عينيه
خير يا عامر معلش غفلت شوية.
وقام بفرك عينيه فأجاب الأخر
أنا طلبت لنا أتنين قهوة بس قولي فطرت ولا أجيب لك فطار
الحمدلله.
تحمحم قبل أن يبدأ ثم قال
أنا عرفت باللي حصل.
أشاح وجهه للجهة الأخرى تمني لو أتي ملاك المۏت وأزهق روحه فأردف الآخر
ما تقلقش يا محمد يا أخويا كلنا عارفين أخلاقك وأخلاق بنتك وأنا كنت أتمني ابني كان كبير وتبقي عروسته بس زي ما أنت عارف أكبر عيل عندي في إعدادية.
زفر دون أن يتفوه بكلمة فهو يكره إحساس الشفقة هذا ولن يقبل به.
أنا جاي أعرض عليك المساعدة وأقوم لك محامي وترفع قضية علي ابن حماد السفوري اللي مش شايفين غير نفسهم ونازلين ظلم وافتري علي الخلق.
قال محمد بقلة حيلة
والمحامي ده عايز له مبلغ وقدره وأنا كل اللي حيلتي علي يديكم أشتريت بيه جهاز بنتي وعليا أقساط هافضل أدفع فيها لخمس سنين قدام.
ربت صاحبه عليه وقال
عيب الكلام ده أومال إحنا أصحاب وجيران إزاي! وعايزك تطمن المحامي ده معرفة و سمعت إنه قريب جماعتك من بعيد فبالحب والمعرفة ممكن نقسط له أتعابه وأنا هاتكفل بيها.
وقفتك معايا فوق راسي بس معلش سامحني أنا مقدرش أخد حاجة مش هاقدر أسدها دلوقتى.
هاعتبر
إني ما سمعتش كلامك و شمس بنتي وإن كان علي الفلوس إعتبره مبلغ وشايله عندك وأنا تحت أمرك في أي حاجة قولت إيه يا أخويا
تنهد الأخر وقال
هاقول إيه لله الأمر من قبل ومن بعد تسلم يا عامر و ربنا يقدرني وأردلك فلوسك وجميلك اللي عمري ما هنساه.
انتهت من آداء فرضها للتو فولجت والدتها تحمل صينية الطعام.
بصي بقي والله لو الأكل ده ماخلصش لساني ما هيخاطب لسانك أنتي ما حتطيش لقمة في جوفك من إمبارح .
ردت شمس بسأم
يا ماما مش قادرة والله ما قادرة أكل ولا هتخليني
أكل ڠصب عني
تلألأت الدموع في عينيها مما جعل والدتها تشعر بالضيق والڠضب فوضعت الصينية علي المضجع وتركتها وغادرت لتضع الطعام لزوجها.
فقال محمد الذي يجلس و يحمل علي كاهليه هموم الدنيا بأسرها
حطي علي قدك أنتي أنا داخل أريح لي ساعتين.
صاحت زوجته بنفاذ صبر
يعني بنتك مش عايزة تاكل ولا أنت أروح أرمي الأكل يعني للفراخ والبط!
تركها وذهب إلي غرفة النوم قائلا
اعملي اللي تعمليه.
ولم يمهلها جرس المنزل أن تفرغ ڠضبها صدح رنينه ففتحت الباب و وجدت سحر أمامها الوجوم يعتلي ملامح وجهها الصارمة.
سلام عليكم يا أم شمس.
أجابت الأخرى وفي قلبها غصة
وعليكم السلام يا أم أحمد أتفضلي.
ولجت إلي الداخل وجلست وكأنها في مهمة رسمية يجب عليها الانتهاء منها علي وجه السرعة.
سألتها بابتسامة تخبئ خلفها حزن مرير تدرك سبب مجيئها
تشربي إيه يا حبيبتي
أجابت بنبرة جدية ورسمية
شكرا مفيش داعي أنا جاية لك في كلمتين وماشية علي طول.
جلست زينب بهدوء في الكرسي المقابل لها
خير يا أم أحمد
ارتسمت سحر ملامح الجمود وبكل قساوة ألقت كلماتها بدون إكتراث إلي أن ما يربطهما ليس النسب وفقط بل هما جيران منذ عقود و من أصول واحدة وكل منهما يعلم كل شيء عن الآخر.
من غير ما ندخل في تفاصيل وأسباب وتجريحات ملهاش لازمة كل شيء قسمة ونصيب!
الفصل الرابع
يتناول متعلقاته دون إكتراث وهم بالمغادرة فاستوقفته والدته قائلة له
طيب عشان خاطري خد كل الساندوتش ده ما ينفعش تروح شغلك علي لحم بطنك كده.
رمقها بصمت ولكن نظراته كانت حادة وتحذرها أن تكف عن محايلته فتح الباب و أغلقه خلفه بقوة مما جعلها انتفضت وأردفت بامتعاض
منهم لله اللي كانوا السبب.
و بالخارج يسير ويشعر وكأن العيون جميعها تترصده لاسيما تلك الهمهمات التي وصلت إلي سمعه وبطرف بصره يلاحظ نظرات الشفقة من البعض والسخرية من البعض الآخر.
وصل إلي موقف السيارات ليستقل سيارة أجرة وقبل أن يدلف إلي الداخل تعالت ضحكات سخرية واستهزاء صادرة من مجموعة من الشباب يقول أحدهم
أخس علي دي رجالة أنا لو خطيبتي حصل معاها كده كنت جيبت الواد ال... اللي عمل فيها كده ودبحته هو وعيلته ولايهمني بس أمشي مرفوع راسي.
رد عليه آخر
أنت أهبل هو فيه حد عاقل يقف في وش عيلة السفوري يا روح ما بعدك روح.
ألتفت لهم وعينيه يندلع منهما لهيبا حارقا فلم يشعر بحاله وهو يسرع خطاه نحوهم ويفاجئهم بتسديد اللكمات كوحش كاسر انكسرت قيوده فأنطلق علي أعدائه بضراوة.
تجمع الناس لفض هذا العراك أبتعد احدهم وقد نال وجهه عدد لا بأس به من اللكمات صاح بصوت جهوري
بدل ما جاي تتشطر علينا روح أتشطر علي اللي علم عليك و خلاك لبانة في بوء أهل البلد.
وبخه إحدى الرجال قائلا
ما تلم نفسك ياض بدل ما أكمل عليك أنا ضړب.
يعني عاجبك يا حاج اللي عمله فينا
رمقه الرجل شزرا
ما أنتم اللي ما بتحترموش نفسكم و عاملين تلقحوا بالكلام عليه عايزينوا يعني ياخدكم بالأحضان!
ألتفت الرجل إلي أحمد مردفا
حقك عليا أنا يا أحمد يابني دول عيال ناقصة