سجينة جبل العامري بقلم ندا حسن
هتتبسط أوي يا هانم
استغربت كل منهن أنها تغاضت عن السؤال وكأنها لم تستمع إليه من الأساس ولكن فعلوا مثلها وساروا معها للولوج إلى السيدة وجيدة عمران والدة يونس زوجها وجدة ابنتها..
وقفت على أعتاب الغرفة بعد أن استأذنت ذكية منها لتقوم بالدخول نظرت إلى الداخل بعينين تتفقد المكان ومن به وجدت والدته شقيقه الأكبر وشقيقته الصغيرة.. عائلة العامري
قلق وخوف البداية أنساها سعادة الوصول..
وقفت وجيدة على قدميها تنظر إليها بتلك العينان السوداء الحادة لقد تفاجأت كثيرا من رؤيتها تقف أمامها الآن دون سابق إنذار دون أي شيء.. زوجة ابنها الراحل هنا ومعها ابنتها هذه!!.
زينة.. مرات الغالي وحشاني وحشاني يا زينة
وأنتي كمان يا طنط وحشاني والله أوي
وعد! يا روح ستك بقيتي عروسة وجميلة يا ما شاء الله ايه الحلاوة
دي
رفعت رأسها تنظر إلى والدتها التي تقف جوارها لا تستطيع تفسير ما يحدث معها الآن محاولة فهم الأمر من والدتها والذي كان جديد عليها كليا ف اومات لها الأخرى برأسها وتحدثت
نظرت إليها الفتاة الصغيرة ثانية وأردفت باحترام ورقة
ازيك يا تيته
ابتسمت الأخرى وخرجت الدموع من عينيها وهي لا تصدق ذلك لقد تمنت كثيرا أن تكون طفلة ابنها هنا بين عائلتها وتعوضهم عن فقدانه.. الآن الأمر يتحقق
يا روح تيته أنتي
كل هذا وأكثر كان تحت أنظاره جبل العامري المسمى على اسم الجبل الموجود في الجزيرة بعد أن نال اسم العامري من العائلة ينظر إليها بعينان حادة ثابتة عليها هي فقط يحاول فهم تعابير وجهها وجهها!.. هذا الوجه الذي يأخذ الشكل الطولي حاجبيها المعقودان لونهما أسود ك لون عينيها السوداء الحالكة وأهدابها الكثيفة التي يحيطها كحل أسود يجعل جمالها الباهت رائع أنفها ذو الأرنبة المستديرة وشفتيها الوردية مكتنزة كل هذا على بشړة بيضاء جذابة وخصلات سوداء للغاية كمعظم ملامحها تغطي ظهرها.. أيضا ملابسها سوداء! أهي في حالة حداد على أحدهم! حفر وجهها داخله.
ازيك يا جبل بيه
لحظات! والأخرى وعينيه عليها تحقق تحاول الوصول إلى الأعمق بعد ملابسها وداخلها ثم أجابها وأخرج صوته الخشن
كويس يا مدام زينة
لم تستطع أبعاد عينها عنه لقد كان مروع للغاية وهي التي لم تخاف
من شيء قبل نظرة عينيه الخضراء ترسل إليها إنذار من كل إتجاه لتحافظ على حياتها..
وهادئ
أنا عمك جبل.. أخو يونس
ابتسمت إليه قائلة
ازيك يا عمو جبل
أومأ إليها برأسه بجدية وقال ناظرا إلى عينيها العسلية الرائعة كعيون والدها رحمة الله عليه
تنهدت بارهاق وتعب ثم هتفت قائلة
الحمدلله كويسه
أقتربت منها وجيدة ولم تترك فرصة الرد إلى جبل بل جذبت الطفلة صاحبة السبعة أعوام إليها ودلفت بها إلى داخل الغرفة تجلسها على الأريكة وهتفت بصوت مرتفع بفرحة
وهتبقي كويسه على طول يا روح تيته طول ما أنتي هنا
وقف معتدلا بعد أن أخذت والدته الطفلة فبقي أمام وجهها تبادل معاها النظرات وكل عين تحكي شيء مختلف تماما عن الأخرى ثم استدار برأسه قليلا ونظر إلى شقيقتها فتاة صغيرة تبدو أقل من العشرون عام بخصلات ذهبية وعيون زرقاء وشفاه تلطخها الحمرة وهي بالفعل جميلة لا تحتاج إلى ذلك..
صاح بصوته المعهود الحاد الذي يحمل خشونه لا توصف
مين دي!
دي إسراء أختي
أبتعد بعينيه إليها وسألها بقوة وثبات واضح وهو يضع يده الاثنين داخل جيوب بنطاله
من امتى عندك أخوات
أردفت تجيب على سؤاله الغليظ توضح له أكثر بما أنه لا يعلم بها
إسراء تبقى أختي من بابا.. كانت عايشة في تركيا مع مامتها وبقالها فترة كبيرة عايشة معايا
أعتدلت فرح شقيقته تنظر إليها من الأسفل إلى الأعلى تنظر إلى الاثنين وكأنها تقول قصر الړعب بانتظار الآخرين من المهرجين..
قالت وهي تتقدم سريعا باحترام ولهفة
تحت أمرك يا جبل بيه
أشار إليها بيده المحررة من جيب بنطاله
وريهم اوضهم يرتاحو
ردت تتابع عيناه هي الأخرى باستغراب
في حاجه نتكلم في ايه
هتعرفي وقتها
تقدمت منها الطفلة بعد أن حثتها وجيدة على الذهاب مع والدتها لكي تنعم بالراحة هى الأخرى فيبدو عليها الإرهاق الشديد.. تحركت إلى الخارج بعد أن قالت بهدوء
عن اذنك يا طنط
أومأت إليها بابتسامة لا مثيل لها وكأنها حصلت على كنز غالي كان يصعب الحصول عليه أو يستحيل
اتفضلي يا زينة
خرجت مع ذكية التي سارت بهم إلى
الأعلى لتعرف كل واحده منهم على غرفتها ولكن زينة وقفت في الردهة أمام الغرف وقالت..
ذكية إحنا عايزين اوضه واحدة.. يكون فيها سريرين
أومأت إليها وهي تشير إلى الناحية الأخرى
حاضر يا ست هانم.. تعالي من هنا
سارت خلفها إلى أن وصلت إلى الغرفة التي تريدها لتكن مع ابنتها وشقيقتها فلا تريد ترك كل واحدة في غرفة أخرى بعيد عن عينيها دلفت معهم إلى الداخل واستمعت إلى صوت الخادمة تقول
الشنط هتطلع حالا يا ست هانم
حركت رأسها إليها فذهبت الأخرى وأغلقت الباب من خلفها صعدت الصغيرة وعد على أحد الفراشين بعد أن ألقت حقيبة ظهرها على الأرضية وارتمت عليه بتعب شديد لأنها تحتاج كثيرا إلى النوم..
جلست إسراء جوارها ونظرت إلى شقيقتها وتحدثت بقلق وخوف لا تريد كبته داخلها
زينة.. أنا خاېفة من المكان ده والناس اللي فيه
لقد كانت هي الأخرى خائڤة للغاية ليس من عاداتها أنها المرأة التي تحملت كل الصعاب لكن كثير من المؤشرات لا تقول أن القادم خير خصوصا منه هو ولكنها نفت ذلك حتى لا تشعر الأخرى بالرهبة منذ اليوم الأول
خاېفة من ايه بس الناس استقبلونا كويس وبعدين دول أهل يونس يعني وأنتي عرفاه كويس مش هنلاقي حد زيهم
تابعت وهي تنظر إليها باستغراب
بس اللي اسمه جبل ده غريب أوي.. والحرس دول كلهم ليه وهو ايه المكان اللي عايشين فيه ده طالما غنين كده والناس اللي بره دول عاملين كده ليه
أنتي متعبتيش من الطريق ارتاحي وبعدين نتكلم
والحقيقة المرة هي أن قلبها لا يهدأ عن العبث بها وذلك لا يحدث إلا في الحالات النادرة كالتي يحدث بها الكوارث.. على أي حال ليس هناك أي حل آخر كان على طريقها ولم تفعله.. هذا كان أولهم وآخرهم وأفضلهم بالنسبة إلى المواجهة مع الفقر..
عليها أن تهدأ فقط قليلا والقادم كله سيأتي إلى عندها سواء فكرت به أم لم تفكر..
نظرت إلى سقف الغرفة وتنهدت بقوة يا الله ساعدني في الوصول إلى مبتغاي دون الشعور بالقهر مرة أخرى ودون الشعور بالذل والكسرة دون الشعور بالفقد والفراق وحړقة الاشتياق ولوعته..
بعد بضع ساعات نالت بهم بعض من الراحة بعد رحلة شاقة طويلة كهذه وحرب ضارية بينها وبين نفسها