قطه في عرين الاسد بقلم بنوته اسمره
انت في الصفحة 1 من 53 صفحات
الحلقة الأولى.
أشرقت شمس الصباح وأخذت آشعتها الذهبية تتسلل الى السماء فى استحياء .. انه صباح يوم آخر .. يهرع فيه الناس الى أعمالهم و أشغالهم .. فترى زحمة السير فى الطرق وترى أطفالا يحملون حقائبهم ذاهبون الى مدارسهم صحبة وفرادى .. وترى المواصلات العامة وقد اكتظت براكبيها .. تتمعن فى تلك الوجوه .. فترى بعضها شاردا وبعضها مكتئبا وبعضها متأففا وقليل منهم تحمل ملامحهم علامات الراحة والرضا .. ترى تلك السيدة الكبيرة التى صعدت الى الحافلة فيقوم هذا الشباب الشهم ويجلسها مكانه اكراما لسنها فينال دعوة طيبة .. وترى تلك الفتاة التى تسند رأسها على شباك الحافلة الزجاجى وتبدو مهمومة فتتمعن فيها محاولا تخمين ما الذى يؤرق مضجع فتاة يافعة مثلها .. وترى هذا الرجل الواقف فى وسط الحافلة لا يجد مكانا للجلوس تتمعن فى وجهه فتراه منهمكا فى التفكير وكأنه يحمل هموم الدنيا فوق أكتافه .. وترى ذلك الطفل الصغير الذى اندس بين الكبار يبحث عن مكان يتسع لقدماه الصغيرتان وجسده النحيل .. تلك هى الدنيا .. كالساقية تدور وتدور .. وكل منا يعرف دوره فى هذه الحياة .. دوره الذى اختاره الله عز وجل له .. فمنا من يبرع فيه .. وينال أجر الدنيا والآخرة .. ومنا من يتكاسل عنه .. فيخسر أجر الدنيا والآخرة .. وسط تلك الوجوه المصرية التى تتباين فى الشكل واللون والملامح .. ترى فتاة خمرية البشرة متوسطة الوزن والطول ليست بالجميلة باهرة الحسن وليست بالدميمة .. فتاة مصرية عادية كملايين الفتيات اللاتى ترتطم بها عيناك وأنت تسير فى شوارع القاهرة .. لا يميزها سوى حجاب تخفى به شعرها .. وملابس محتشمة تخفى تفاصيل جسدها الأنثوى .. تسير الفتاة الى المترو لتركب فى العربة المخصصة للسيدات .. تجلس على أحد المقاعد الشاغرة وتخرج من حقيبتها مصحف صغير .. تقضى معه تلك الدقائق التى تفصلها عن مكان نزولها .. يتوقف المترو ويستعد الركاب للمغادرة .. تغادر مريم العربة وتتوجه الى تلك البناية التى تقع فى مواجهة المترو .. تدلف اليها ويلقى عليها حارس العمارة نظرة .. ثم يعود لمطالعة جريدته الصباحية .. تركب مريم المصعد وتضغط رقم 5 .. يتوقف المصعد فى الطابق الخامس .. تسير مريم عبر الردهة الطويلة التى اعتادت السير فيها يوميا حتى تصل الى باب مفتوح ومزين بلافته أنيقة كتب عليها شركة رؤية للدعاية والإعلان ..
صباح الخير يا مريم
رفعت مريم رأسها ونظرت الى صديقتها قائله
صباح الخير يا مى
أخذت الفتاة مكانها على المكتب الآخر الموجود فى الغرفة .. و التى كانت تضم ثلاث مكاتب .. عادت مريم الى مطالعة حاسوبها .. نظرت مى الى المكتب الفارغ وقالت
هى الهانم لسه مشرفتش
قالت مي بحدة
كالعادة عادتها ولا هتشتريها
قالت مريم بهدوء دون أن ترفع عينها عن حاسوبها
ملناش دعوة .. كل واحد حر فى نفسه
قالت مى بحدة أكثر
اشمعنى احنا نلتزم بمواعيدنا .. والهانم لازم كل يوم تتأخر .. أنا هبلغ أستاذ عماد باللى بيحصل ده
رفعت مريم عينيها لتنظر الى صديقتها قائله
ملناش دعوة يا مي .. لو أستاذ عماد سأل نبقى نقوله .. لكن طالما ما سألش عليها خلاص بلاش نعمل معاها مشاكل بدون داعى .. انتى عارفاها
قالت مى بغيظ
ما هو عشان عارفاها .. أوف مش عارفه ليه مينقلوهاش مكتب تانى ويريحونا منها
حاولى متحتكيش بيها وخلاص .. وبعدين سبيني أركز بأه عشان عندى شغل كتير
قالت مى وهى تبدأ فى تشغيل حاسوبها
شغاله على دعاية شركة دييبس
أها
ربنا معاكى شغلهم صعب وصاحب الشركة مبيعجبهوش العجب بيعدل كتير
رفعت مريم ناظريها قائله
اشتغلتى معاهم كدة
أيوة من كذا سنة كنت ماسكه الحملة
الدعائية بتاعتهم .. كانوا متعبين بجد
عادت مريم تنظر الى حاسبها وتمتمت
لحد دلوقتى ما قابلنيش مشاكل معاهم
يارب دايما
بعد نصف ساعة .. دخلت الى المكتب فتاة تصبغ وجهها بمكياج صارخ
.. حتى سار وجهها وكأنه لوحه متداخلة الألوان .. وحجاب صغير جدا لا يكاد يغطى شعيراتها الثائرة من الأمام .. فتدخل يديها لتحاول عبثا اخفاء تلك الخصلات .. دخلت ودون أن تلقى التحية توجهت الى المكتب الثالث وجلست عليه وبدأت فى تشغيل حاسوبها .. ثم أخرجت من حقيبتها مرآة وأخذت تتأكد من تمام زينتها ثم قامت وتوجهت الى الخارج .. تابعتها مى بعينيها وما كادت تخرج حتى هتفت قائله
قالت مريم بنفاذ
صبره ونظرة محذرة
مى بطلى تجيبي فى سيرتها .. هى حرة تعمل اللى تعمله .. لينا اننا ننصحها وبس لكن مش نتكلم عنها كده
قالت مىبغيظ
يعني عجبك منظرها
قالت فورا
لأ طبعا مش عاجبنى .. بس بدل ما أنا وانتى نتكلم عنها فى غيابها .. الأحسن اننا ننصحها براحه أهو ناخد فيها ثواب .. ونتجنب احنا اننا ناخد سيئات عشان شوية نميمة
هتفت مى قائله
ما احنا ياما نصحناها ومفيش فايدة مبتحترمش نفسها أبدا .. واهى دلوقتى تلاقيها داخله عند أستاذ أشرف وهاتك يا تسبيل
قالت مريم پغضب
مى بجد كفاية لو سمحتى
قالت مى تحاول تهدئتها
خلاص متضايقيش مش هتكلم عنها تانى
عادت مريم الى عملها وهى تحاول تناسى ڠضبها من مى
فى المكتب المجاور وقفت سهى أمام مكتب الأستاذ أشرف قائله بإبتسامه
حقيقي بجد مش عارفه أشكرك ازاى يا أستاذ أشرف .. لولاك مكنتش عرفت أخلص الشغل ده كله لوحدى
قال أشرف مبتسما
ولا يهمك يا آنسه سهى .. احنا زمايل وواجبنا اننا نساعد بعض
ازدادت ابتسامتها اتساعا ونظرات عينيها جرئه قائله
بصراحة مش عارفة أودى جمايلك عليا فين .. من ساعة ما اشتغلت هنا وانت بتساعدنى ومرفضتليش أى طلب أبدا ... حقيقي انت انسان ذوق أوى
ابتسم لمجاملتها قائلا
متشكر يا آنسه سهى
قالت وهى تغادر
لو احتجت منى حاجه فى أى وقت عرفني وأنا عنيا لحضرتك
أومأ برأسها .. خرجت من المكتب وعادت الى مكتبها تحمل بعض الأوراق وابتسامتها على شفتيها ..راقبتها مى بغيظ .. فإنتبهت سهى لنظراتها فقالت لها پحده
ايه مالك بتبصيلي كدة ليه .. لو عايزة صورة عرفينى وأنا أجبلك بدل ما انتى عماله تاخدلى صورة 4 فى 6 من ساعة ما دخلت
قالت مى بسخرية
وأنا هحتاج صور جنابك فى ايه ان شاء الله .. تكونيش حد مهم وأنا معرفش
قالت سهى بمياعه
آه حد مهم ومهم أوى كمان
قالت مى ساخرة
والله .. تصورى مكنتش أعرف
نظرت اليهما مريم قائله پغضب
هو انتوا مش هتبطلوا بأه .. مش عارفه أركز فى الشغل .. لو سمحتوا كل واحدة تبص فى جهازها وتشتغل .. ده مكان شغل مش مكان نتساير فيه
التزمت الفتاتان الصمت وعادتا الى عملهما وكل منهما ترمق الأخرى بنظرات حنق .. عادت مريم الى عملها بأصابعها النحيلة فوق لوحة المفاتيح .. حانت منها التفاته الى تلك الدبلة الذهبية التى تزين أصابع يدها اليمنى .. أخذت تتحسسها بأصابعها لحظات .. ثم عادت الى اكمال عملها .
من أهم محافظات صعيد مصر .. محافظة قنا .. تلك المحافظة التى تتميز بموقع جغرافى رائع .. حيث تحدها شمالا محافظة سوهاج .. وجنوبا محافظة الأقصر.. وشرقا محافظة البحر الأحمر .. وغربا محافظة الوادي الجديد .. تضم تلك المحافظة 11 مدينة .. أهمها مدينة نجع حمادى التى تعرف بالصعيد الجوانى .. والتى تتميز بزراعة قصب السكر وبوجود العديد من مصانع الألومنيوم .. وتتميز بذلك المناخ الإقليمي الحار الذى يؤثر فى طباع أهلها .. تتشابه عادات أهل الصعيد مع عادات أهل الجزيرة العربية من حيث التكوين الى أو العشائرى فينقسم الناس بها الى
عدة قبائل وكل قبيلة تتميز بالتماسك والترابط فيما بينهم فلا يستطيع غريب التسلل بينهم .. يتميزون أيضا بغيرتهم الشديدة على كل ما يخص القبيلة ومصالحها .. توجد واحدة من كبرى القبائل ويطلق عليها قبيلة تميم ..اذا تشابه الإسم مع اسم قبيلة موجودة بالفعل فهو محض الصدفة ..
توجد عائلتان من أكبر عائلات تلك القبيلة وهما عائلة السمري .. و عائلة الهواري .. كان بين العائلتان مصالح مشتركة كثيرة
.. يشتركان معا فى العديد من الأعمال ويتميزان بسمعة و هيبة وسط أهل الصعيد .. عائلة الهواري .. كان كبيرها هو الحاج سباعى والذى يمثل رأس تلك العائله .. فى ذلك اليوم استيقظ سباعى من نومه ليترأس مائدة الطعام والتى وضع عليها ما لذ وطاب بدأ فى تناول الطعام ثم الټفت الى ابنه الكبير جمال قائلا
ايه أخبار المشكلة اللى كانت مع العمال يا جمال
قال جمال وهو يكمل طعامه بنهم
لا متجلجش يابوى حليناها ورضينا العمال .. مع انهم كانوا عايزين جطع رجابيهم
قال سباعى بحزم
اتعلم تسايس أمورك عشان المركب تمشى .. فى مواقف بتحتاج فيها الحزم وفى مواقف تانية بتعديها عشان مصلحتك
قال جمال بحنق
يعني شوية رجاله ميسووش يمشوا كلامهم علينا
قال سباعى پغضب
الرجاله اللى بتقول عليهم ما يسووش هما من قبيلتك يا ولدى ولازم تطويهم تحت جناحك عشان قوتنا وعزتنا فى عددنا وعشان كده احنا من أكبر عائلات الصعيد كلياتها .. ولا عايزهم يجولوا عيلة الهواري مش عارفه تمشى شغلها زى باجى الخلج .. يعني هيا عيلة السمري أحسن منينا ولا ايه
قال جمال بسخرية
لا طبعا .. ده احنا نغلبهم بالعدد وبالنسب .. واحنا احسن منيهم مليون مرة .. وكل القبيلة عارفه اكده
عفارم عليك ومادام اكده يبأه لازم الكل يتكلم عنا منيح وميجيبوش سيرتنا الا بالخير وعشان اكده رضينا العمال .. لكن مش
معنا اكده اننا ضعاف .. لا .. اللى يتنمرد حدانا يا ويله منينا
صمت سباعى قليلا ثم قال
أخبار المناجصة ايه .. لسه مفيش نتيجه
لا يابوى أنى موصى ناس أكابر أول ما يعرفوا المناجصه رسيت على مين يبلغونا
ثم قال فى حبور
بس ما تجلجش واصل .. هترسى علينا يعني هترسى علينا .. مفيش حد حدانا يجدر يجدم مواصفات أحسن من اللى جدمناها .. متشيلش هم يابوى
قال سباعى وهى ينهض
ربنا يجدم
اللى فيه الخير
فى مكتب الأستاذ عماد صاحب ومدير شركة رؤية للدعاية والإعلان .. جلس أحد أصحاب الشركات وقال
بس يا أستاذ عماد احنا مش عايزين حملة عادية .. عايزين تغيير شامل فى كل شئ .. لوجو
الشركة وبروشورز تعريف
بنشاط
الشركة تتوزع