في قبضة الاقدار بقلم نورهان العشري
عنك قبل كدا
الفتاة بثبات
يمكن عشان لسه متعرفين علي بعض من قريب
هزت فرح رأسها قبل أن تقول بإستفهام
وأنتي عرفتي إلي حصل لجنه إزاي
أجابتها بهدوء
أتصلت علي موبايلها فردت عليا الممرضه و قالتلي إلي حصل
بدا عذر معقول و لكنها لا تعلم لما لم ترتح لتلك الفتاة فقالت لها بتهذيب
الفتاة بحزن
يا خسارة .. كان نفسي أشوفها و أطمن عليها أوي . طب ممكن أبص عليها حتي و هي نايمه و أخرج علي طول
إحتارت فرح في أمرها كثيرا و لكنها وافقت علي مضض لتتخلص منها فقالت بملل
تمام . أتفضلي
يا حبيبتي يا جنه. دي شكلها متبهدل أوي
شاهدت دموع الفتاة التي تساقطت علي خديها و لم تجيبها بل ظلت تناظرها و كأنها تخترقها من خلف ستار نظاراتها . طال تأملها و طال صمت الفتاة و التي تنحنت قبل أن تقول بخفوت
إبتسمت فرح ابتسامه بسيطه و قالت بود
طبعا . طبعا أتفضلي .
توجهت الفتاة الي الحمام و الذي كان يقابل سرير جنة فما أن دخلت حتي أخرجت آله تصوير صغيرة نوعا مخبئه بين ملابسها الفضفاضه و قامت بمواربه باب المرحاض بمساحه كافيه لعدسه آلتها حتي تلتقط صورة جنة النائمه بعمق مبعثرة الهيئه .
كنت شاكه إنك وراكي حاجه ..
جفلت الفتاة من ما حدث و أخذت توزع نظراتها بين فرح و يدها الممسكه بآلة التصوير الخاصة بها و لكن قطع نظراتها يد فرح التي إمتدت تجذبها من يدها پعنف تجرها إلي الخارج و الفتاة تتوسل إليها حتي
تتركها و تعطيها الكاميرا الخاصه بها و ما أن وصلوا الي الخارج حتي دفعتها فرح بقوة و هي تصرخ پغضب
أنتي بني آدمه معندكيش إحساس و لا ډم وصلت بيكي القذارة أنك تلعبي علي مشاعر الناس عشان تكشفي سترهم .
حاولت الفتاة التقرب من فرح و هي تقول من بين بكاءها
أنا والله مقصدتش أرجوكي إديني الكاميرا بتاعتي
عن إذنك يا فرح هانم اتفضلي أنتي و إحنا هنتعامل معاها .
تفرقت نظرات فرح بين عينان الفتاة المتوسله و الدمع يتقاذف منها و بين الرجل الذي حتما سيخبر سيده و قد يؤذي هذه الحمقاء و هذا ما لا تريده لذا قالت فرح بصرامه
انا هحل الموضوع .
وجهت أنظارها إلي الفتاة متابعه بتقريع
أنا هعدي إلي حصل دا عشان عواقبه هتكون وخيمه عليكي و في المقابل هاخد الكارت بتاع الكاميرا.. و أياكي أشوف وشك هنا تاني
أوشكت الفتاة على الحديث فأوقفتها فرح قائله بحدة
و لا كلمه و إلا هديهم الكاميرا و مش هتشوفيها تاني ..
أطرقت الفتاة برأسها في حين أن فرح قامت بإخراج الكارت من آله التصوير و أعطتها إياها مرفقه بها نظرات محتقرة تقبلتها الفتاة بحنق مكتوم و توجهت إلي الاسفل
فرح هانم !
التفتت فرح علي نداء أحد الحراس و قد ضايقها هذا اللقب الذي كان يرفقه مع اسمها فقالت بصرامه
أسمي آنسه فرح بلاش هانم دي لو سمحت .
اومأ الرجل برأسه و أعطاها الهاتف و هو يقول بإحترام
الباشا عايزك
لا تعرف لما شعرت بالتوتر حين أخبرها بأنه يريدها و إزدادت دقات قلبها ربما لأنها كانت متأكدة من أنها ستخوض شجارا معه كعادتهم أو لسبب آخر ربنا لا تعرفه . لذا حاولت سحب أكبر قدر من الأكسجين بداخلها حتي تستعيد بعضا من هدوئها الذي تجلي في نبرتها حين أجابت
ألوو
من البدايه و هو متحير في أمر تلك المرأة لديها كبرياء قوي لم يره مسبقا في إمرأة تحمل هموما أقوي بكثير من طاقتها. يكاد يجزم بأنها تشتهي الإنهيار و حينما تكون علي حافته تتراجع و تعيد هيكلة بنائها لتقف شامخه من جديد . و تلك القناعه التي لم يصدقها في البدايه و لكنه الآن في طريقه للإيمان بعصاميتها التي تدعيها.
أتاه صوتها الهادئ من الهاتف لينفض تلك الأفكار من رأسه و هو يقول بفظاظه
متتصرفيش تاني من دماغك . أنا مش سايب الرجاله إلي عندك دول صورة !
جفلت من لهجته الفظه و لكنها حاولت إستفزازه إذ قالت بتعالي
مبتصرفش غير بدماغي . و بالنسبه لرجالتك قولتلك مش محتاجينهم و أظن دلوقتي أنت أتأكدت
تضمنت لهجته سخريه مبطنه و لكنها شعرت بها من مغزي كلماته حين قال
أتأكدت فعلا ! لولا الرجاله إلي مش عاجبينك دول مكنتش البنت إلي صعبت عليكي دي هتمشي غير و هي واخده الفيلم حتي لو علي جثتك !
تعلم بأنه قد يكون محقا فهي علي الرغم من عفوها عن تلك الفتاة و لكنها لمست الحنق و البغض في نظراتها و لكنها أبت التراجع إذ قالت بعنفوان
قولتلك قبل كدا و هقولها تاني أنا أقدر أدافع عن نفسي و عن أختي كويس
سالم بتهكم تجلي في نبرته حين قال
و ماله هشوفك هتعملي إيه مع جيش الصحافيين إلي واقف تحت !
اقشعر بدنها للحظه و هي تتخيل نفسها تقف في مواجهه كل هؤلاء الملاعين أمثال تلك الفتاة معدومه الضمير فحتما سيسحقوها تحت أقدامهم في سبيل الوصول إلي مبتغاهم
تحدث سالم بتقريع خفي و تهكم جلي
بالظبط زي ما أتخيلتي . عشان كدا أسمعي الكلام من سكات لحد ما نشوف هنتصرف ازاي !
إغتاظت من حديثه و غروره و تعجرفه و لكن لفت إنتباهها كلمته الأخيرة في ماذا سيتصرفون ما المشترك بينهم حتي يقول تلك الكلمه و هي تدرك بأن كلماته البسيطه و التي يمكن أن تعد علي أصابع اليد لا يمكن أن تخرج جزافا لذا همت بسؤاله عن ما يعنيه و لكنها تفاجأت بذلك المتحذلق يغلق الهاتف في وجهها فأغمضت عيناها و قد تمكن الڠضب منها للحد الذي جعلها تود لو تطحن عظام الهاتف بين يديها و لكن صوت ضوضاء قادمه من الاسفل أخرجها من بؤرة الڠضب تلك لتتفاجئ بعد ثوان بجيش الصحافيين الذين كانوا ينتظرون بالأسفل و الآن يهرولون تجاهها فلم تشعر بنفسها سوي و هي تدخل إلي غرفة شقيقتها بلمح البصر و تقف مستندة بظهرها علي الباب الذي توقعت أن يتحطم فوق رأسها بأي وقت فاغمضت عيناها بشدة إلي أن هدأت تلك الضوضاء في الخارج و قد أيقنت بأن الحراس قد صرفوهم و هنا دونا عنها حمدت ربها كثيرا لوجودهم في الخارج .
شعرت بالحرج للحظات و هي تتخيل وجه ذلك المغرور
يناظرها بتشفي قائلا
أين شجاعتك الواهيه
زفرت بحدة و أخذت تلعنه بداخلها هو و عائلته أجمع و لكنها توقفت ما أن رأت سرير شقيقتها فارغا فتوجهت علي الفور إلي المرحاض لتستمع إلي صوت المياة الآتي من الداخل فإرتاحت قليلا و لكنها ظلت تقف أمام الباب لا تعلم السبب و لكن كان قلبها ينذرها بأن شيئا سيئا علي وشك الحدوث .
مرت دقائق قليله و مازال صوت المياة بالداخل فحاولت النداء علي شقيقتها و لكنها لم تتلقي إجابه لذا لم تستطع منع نفسها من فتح باب المرحاض لتجحظ عيناها پصدمه و هي تراها ملقاه فوق أرضية المرحاض غارقه بدمائها ..
بعد مرور ساعه كانت فرح تقف أمام غرفة العمليات ن كتفيها بذراعيها مستنده علي الحائط وحدها و عبراتها تتقاذف من مقلتيها بصمت عاجزة عن الحراك فمنذ أن رأت مظهر شقيقتها غارقه بدمائها حتي ظلت تصرخ بقوة الي أن آتي الحراس و الأطباء الذي قاموا بنقل جنه علي الفور إلي غرفه العمليات لمحاولة إنقاذها .
بينما هي ظلت تقف أمام الغرفه تنتظر خروجها سالمه و عقلها يرفض أي روايه آخري قد تخلو منها .
كانت ترتجف لا تعلم بردا أم خوفا و لكن هذه اللحظه هي الأكثر ضعفا في حياتها . لطالما كانت قويه لا تهاب شئ فمنذ ۏفاة والدها أصبحت هي عمود عائلتهم الصغيرة و المتصرفه بكل أمورهم و لكنها الآن تشعر بنفسها عاجزة ضعيفه هشه . ترتجف بصمت و قلبها يتضرع إلي الله أن ينقذ شقيقتها فبدونها لن تستطيع العيش لحظه واحده ...
كان يأكل الأرض بخطواته و هو يتوجه إلي غرفه العمليات للإطمئنان علي تلك الغبيه التي لا تزيد الأمور إلا سوءا فما أن أخبره رجاله بما حدث حتي هرول إلي المشفي للإطمئنان عليها و للحق كان هناك شعورا بالقلق يتسلل بداخل قلبه علي تلك التي تدعي قوة لا تملكها و لكنه كان يتجاهل هذا الشعور نافيا عن نفسه أي شبهه إهتمام بها . ليتفاجئ ما أن رأي ذلك الجسد الصغير الذي بدا لطفله في العاشرة من عمرها تقف وحيدة خائفه ن جسدها بيدين مرتعشتين و أقدام للحظه شعرت بأنهم غير قادرة علي حملها فأسندت رأسها علي الحائط خلفها و إنزلقت ببطئ حتي إفترشت الأرض من تحتها و رأسها ملقي للخلف فكان مظهرها المڼهار هذا جديدا كليا عليه فقد عهدها دائما قويه صلبه و برغم معرفته بأن صلابتها ما هي سوي جدار تخفي به وهنها إلا أن مظهرها ذلك و لسبب غير معلوم قد آلمه .و بعث في نفسه شعور بعدم الراحه فتوقف بمنتصف الرواق و قد إنتابه التردد الذي قلما يزوره و لكنه حقا لم يكن يعلم هل يتقدم لمواساتها و هو دور لا يتقنه أبدا أم يتراحع و يتركها و لكنه شعر بالرفض لتلك الفكرة بقوة لذا تقدم بخطوات سلحفيه إلي حيث تجلس و كلما كان يقترب أكثر كلما يتوضح مظهرها المزري و الذي لم يعهده أبدا .
توقف أمامها و قام بإخراج أحدي المحارم الورقيه يمدها إليها و هو يقول بنبرة هادئه رزينه
أنسه فرح !
جفلت عندما شاهدت المنديل الورقي الممدود إليها و علي الفور عرفت لهجته التي و لأول مرة كانت خاليه من أي تهكم و سخريه بل لمحت بها شئ من التعاطف و الذي لقي صداه بعينيها التي حين إرتفعت إليه إرتسم بها الضعف للحظه قبل أن تلقي به جانبا و تهب من مكانها متجاهله يده الممدودة أمامها و قامت برفع رأسها تناظره بشموخ قائله بلهجه متحشرجه
إيه إلي